recent
أخبار ساخنة

بحث كامل حول مراحل تطور القانون الإداري و دور القضاء فيه و مدى تأثر القانون الجزائري بنظيره الفرنسي

 بحث حول مراحل تطور القانون الإداري ، و دور القضاء فيه ، مدى تأثر القانون الجزائري بنظيره الفرنسي 

خطة البحث

 المقدمة .

 المبحث الأول : مراحل تطور القانون الإداري

المطلب الأول : مرحلة عدم مسؤولية الدولة.

المطلب الثاني : مرحلة الإدارة القاضية .

المطلب الثالث : مرحلة القضاء المقيّد أو المحجوز.

المطلب الرابع : مرحلة القضاء المفوض ( تغيير الطبيعة القانونية لمجلس الدولة ).

المطلب الخامس : محكمة التنازع وقرار بلا نكو الشهير.

 المبحث الثاني : تنظيم مجلس الدولة الفرنسي و اختصاص القضاء الإداري.

المطلب الأول : تنظيم مجلس الدولة .

 الفرع الأول : المندوبون و النواب.

 الفرع الثاني : مستشارو الدولة في الخدمة العادية .

 الفرع الثالث : رؤساء الأقسام و نائب رئيس المجلس.

المطلب الثاني : اختصاص القضاء الإداري الفرنسي.

 الفرع الأول : اختصاصات مجلس الدولة .§

 الفرع الثاني : مجلس الدولة كمحكمة أول و آخر درجة.§

 الفرع الثالث : مجلس الدولة كمحكمة استئناف .§

 الفرع الرابع : مجلس الدولة كمحكمة نقض .§

المطلب الثالث : المحاكم الإدارية.

المطلب الرابع : المحاكم الإدارية الاستئنافية

 المبحث الثالث : مراحل تطور نظام القضاء الإداري في الجزائر.v

المطلب الأول : المرحلة الإستعمارية1830-1962.

 الفرع الأول : مجلس الإدارة ومجلس المنازعات .

 الفرع الثاني : مجالس المديريات ومجالس العمالات .

 الفرع الثالث : المحاكم الإدارية .

المطلب الثاني : مرحلة الاستقلال 1962 - .1996

 الفرع الأول : فترة المحاكم الإدارية ( المرحلة الانتقالية من 62- 65 

 الفرع الثاني : فترة الغرفة الإدارية ما بين 1965 - .1998

 الخاتمة.

 المراجع.

 الهوامش.

 المقدمة 

كانت كل السلطات للحكم قبل الثورة الفرنسية مركزة في يد الملك ، حيث ساد نظام الملكية المطلقة , ولم تكن الدولة تخضع للمساءلة أو الرقابة أمام القضاء بواسطة دعاوى الأفراد , وهي إن تعاملت مع الأفراد خضعت معاملاتها للقانون المدني .

وفي هذه الفترة كانت توجد محاكم قضائية تدعى البرلمانات ، أنشئت لتكون ممثلة للملك في وظائفه القضائية , وكانت الدعاوى تستأنف أمامها ما لم يسند الملك ذلك الاختصاص إلى جهة أخرى , كما وجدت محاكم مختصة ببعض المنازعات الإدارية .

وقد كانت البرلمانات تمارس سيطرة رجعية على الإدارة وتتدخل في شؤونها وتعارض وتعرقل كل حركة إصلاحية ، مما جعل رجال الثورة الفرنسية يعمدون إلى منع المحاكم القضائية القائمة في ذلك الوقت من الفصل في المنازعات الإدارية للحفاظ على استقلال الإدارة تجاه السلطة القضائية , من خلال تبنيهم لمبدأ الفصل بين السلطات . و نتيجة لهذا التجاذب و التطور تظهر بتفصيل أكثر من خلال بحثنا في المراحل التي مر بها تطور القانون الإداري الفرنسي بوصفها منشأه و مكان وجوده .

و كذلك الوقوف على دور القضاء الإداري ، و نحاول استكشاف مدى تأثر القانون الإداري الجزائري بنظيره الفرنسي ، من خلال أربعة مباحث :

المبحث الأول : مراحل تطور القانون الإداري.

المبحث الثاني : تنظيم مجلس الدولة الفرنسي.

المبحث الثالث : اختصاص القضاء الإداري الفرنسي.

المبحث الرابع : تأثر القانون الإداري الجزائري بنظيره الفرنسي.


 المبحث الأول : مراحل تطور القانون الإداري 

 المطلب الأول : مرحلة عدم مسؤولية الدولة.

أجمعت مختلف الدراسات أنّ القانون الإداري ظهر في فرنسا وهو مرتبط بتاريخها ونظام الحكم فيها . فقبل الثورة الفرنسية 1789 تمتع الملوك بسلطات مطلقة في تسيير شؤون الدولة انطلاقا من فكرة أنهم امتداد لإرادة الله وأنهم ظلّ الله فوق الأرض. فالعدالة مصدرها الملك و لا يتصوّر خضوعه لأي شكل من أشكال الرقابة و حتى القضائية منها.

و لا شك أن تصورا من هذا القبيل لمن شأنه أن يخلع كل قيد يحيط بالإدارة في تصرفاتها. وهو ما يترتب عليه المساس بحقوق الأفراد خاصة بعد انشغال طبقة البرجوازية ورجال الدين في جمع الثروة مما زاد الوضع سوءا وهو ما دفع الفلاسفة ورجال الفكر و الفقهاء إلى دق ناقوس الخطر فطالبوا الشعب أن يلتف حولهم ما أدى في النهاية إلى انفجار الثورة.

وكان الملك في المرحلة السابقة للثورة الفرنسية يقوم بنفسه بتوزيع الاختصاص بين المحاكم المختلفة و يملك حق سحب أيّ منازعة من القضاء ليتكفل هو بالفصل فيها أو يعهد بها إلى غيره، كما تمتع الملك بسلطة واسعة إزاء الأحكام فحقّ له أمر وقفها أو ممارسة حق العفو.

 المطلب الثاني : مرحلة الإدارة القاضية

لما قامت الثورة الفرنسية رأت السلطة المنبثقة عنها أن المحاكم العادية قد تعرقل الإصلاحات التي تعتزم الإدارة القيام بها وتحد من فعاليتها وهو ما تأكد عملا في زمن البرلمانات. لذا كان الانشغال الكبير الذي راود السلطة الفرنسية آنذاك هو محاولة إيجاد صيغة وطريقة لإبعاد منازعات الإدارة عن ولاية واختصاص المحاكم العادية. فصدر لهذا الغرض القانون 16-24 أوت 1790 فجاء في الفصل 13 منه ما يليّ " إن الوظائف القضائية تبقى دائما مستقلة عن الوظائف الإدارية و على القضاة وإلا كانوا مرتكبين لجريمة الخيانة العظمى ألا يتعرّضوا بأيّ وسيلة من الوسائل لأعمال الهيئات الإدارية". وتأكّد هذا المبدأ مرة أخرى بالقول: " إن القضاة لا يمكنهم التعدي على الوظائف الإدارية أو محاكمة رجال الإدارة عن أعمال تتصل بوظائفهم و يحظر على المحاكم حظرا مطلقا النظر في أعمال الإدارة أيما كانت هذه الأعمال ".

وهكذا اعتبر المدافعون عن قانون 1790 أنّ مقاضاة الإدارة أو مساءلة أعوانها يؤدي دون ريب إلى عرقلة أعمالها التي تهدف إلى تحقيق الصالح العام. فعندما تنوي الإدارة نزع ملكية وتقف أمام القضاء من أجل هذا العمل فإنّ إجراءات النزع ستتوقف وأيلولة المال من الملكية الخاصة إلى الملكية العامة ستجمّد . وهو ما يؤدي في النّهاية إلى تعطيل المشاريع ذات الطابع العام . وما قيل عن النزع يقال عن غيره من سلطات الإدارة كسلطة الضبط أو السلطات في مجال التعاقد . و تطبيقا لهذا القانون فانّ المنازعات الإدارية التي تكون الإدارة المركزية طرفا فيها فإنها تحال مباشرة على الملك . أمّا المنازعات التي تكون الإدارة المحلية طرفا فيها فقد اختصّ بها حكام الأقاليم . فقد قالSirey عبارة تؤكد هذا المعنى سنة 1818 : " العدالة الإدارية متمّمة و مكمّلة للعمل الإداري". ومن هنا اجتمع في الإدارة صفة الخصم و الحكم لذلك سميت هذه المرحلة بمرحلة الإدارة القاضية . وجدير بالذكر أنّ أحكام هذا القانون منعت القضاء من تأويل النصوص الغامضة وألزمته باللجوء للسلطة التشريعية في نطاق ما يسمى بالدعوى التشريعية الاستعجالية .

والحقيقة أن الأسباب المستند إليها لفرض وإعمال قانون 1790 يمكن دحضها بالنظر لما يأتي:

1- إن عدم خضوع الإدارة أمام القضاء يعني أن المحاكم قد تكون في وضعية إنكار العدالة فهي حين يقصدها المتقاضون نتيجة عمل قامت به الإدارة أو تسبب فيه أحد أعوانها تضطر وتطبيقا لقانون 1790 إلى التصريح برفض الدعوى لعدم الاختصاص أيا كان الضرر الناتج عن هذا العمل وأيا كانت خروقاته وتجاوزاته.

2- لقد تناسى المدافعون عن القانون 1790 أنّ مبدأ الفصل بين السلطات يفرض تمكين السلطة القضائية من مراقبة أعمال السلطة التنفيذية وهذا ما أكده مونتسيكو نفسه في كتابه روح القوانين بقوله : "كل شخص بين يديه سلطة مدعو إلى أن يستبد بها فلا بد إذن حتى تنظم الأشياء بكيفية تجعل كل سلطة تمنع تجاوزات السلطة الأخرى ". ولا مفر من الاعتراف لجهاز القضاء بمراقبة أعمال الإدارة وهذا تطبيقا لمبدأ المشروعية، وصونا للحقوق الأساسية و الحريات العامة، ومنعا للإدارة من كل عمل يطبع بالتعسف . و تبقى أنّ هذه المرحلة من مراحل تطور القانون الإداري تتميز عن غيرها وسابقتها. ففي المرحلة الأولى لم تكن الدولة ومن ثمّ الإدارة تسأل عن أعمال موظفيها. أما في ظل المرحلة الجديدة (الإدارة القاضية) صار بالإمكان مساءلة الدولة عن أعمال موظفيها لكن أمام الإدارة نفسها.

المطلب الثالث : مرحلة القضاء المقيّد أو المحجوز

بصدور دستور السنة الثامنة في عهد نابوليون بونابرت عرفت فرنسا تحولا جذريا في مجال منازعات الإدارة إذ نصت المادة 52 منه على إحداث مجلس الدولة كما تمّ إنشاء مجالس المحافظات . ولقد أرجع كثير من الكتاب سبب إنشاء المجلس إلى سيل الطلبات المرفوعة ضد الإدارة الفرنسية آنذاك .

وما يمكن ملاحظته أن قرارات المجلس في هذه المرحلة لم تكن تكتسي الطابع القضائي بل لا تخرج عن كونها آراء أو مشاريع قرارات بخصوص منازعات معينة وجب أن ترفع أمام القنصل العام ( نابليون) باعتباره رئيس الدولة الذي كان له وحده حق المصادقة عليها أو رفضها. فولاية المجلس لم تكن كاملة وشاملة وأحكامه لم تكن نهائية. أمّا مجالس الأقاليم فقد كانت قراراتها قابلة للطعن أمام مجلس الدولة الذي يبدي أيضا بشأنها الرأي ليرفع فيما بعد للقنصل العام و الذي إن شاء أضفى الطابع التنفيذي على رأي المجلس وإن شاء رفضه . وإذا كانت هذه المرحلة قد عرفت نواة القانون الإداري ممثلة في مجلس الدولة، إلا أنّه لا يمكن الحديث عن وجود هذا القانون في هذه المرحلة بالذات لسببين :

1- إنّ مجلس الدولة لم يكن صاحب القرار النهائي عند فصله في النزاع بل أن قضاءه كان مقيدا أو معلقا على مصادقة رئيس الدولة، وبالتالي علّق قضاؤه على مشيئة ورغبة السلطة التنفيذية.

2- إنّ مجلس الدولة لم يعتمد أحكاما خاصة حال فصله في المنازعات إنّما طبق القانون الخاص.

وتشد تسمية مجلس الدولة الانتباه من زاويتين :

1- إنّ تسمية مجلس الدولة اعتمدت على غرار التسمية التي كانت سائدة قبل الثورة و هي مجلس الملك (Conseil du Roi) فكأنما المجلس أنشئ لمساعدة السلطة التنفيذية.

2- إنّ تسمية مجلس الدولة، أريد له في بداية الأمر أن يكون بمثابة هيئة مشورة تلجأ إليها السلطة التنفيذية.

وبخصوص حالات رفض رئيس الدولة الفرنسية لمشاريع الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة أشار الدكتور ثروت بدوي أنها لم تتعد ثلاث حالات طوال القرن التاسع عشر، وأنّ حالات التعديل كانت في صالح المواطن المدعي لا الإدارة. وإن كان الأستاذ المذكور أشار لصعوبة تحديد و حصر حالات التعديل بحكم الحريق الذي أتى على أرشيف مجلس الدولة الفرنسي 1871.

المطلب الرابع : مرحلة القضاء المفوض ( تغيير الطبيعة القانونية لمجلس الدولة )

لم تدم المرحلة السابقة طويلا إذ صدر في 24 ماي 1872 قانونا اعترف لمجلس الدولة بصلاحية الفصل في المنازعات الإدارية دون حاجة إلى مصادقة السلطة الإدارية على قراراته. ولم تعد الأحكام تصدر باسم رئيس الدولة بل باسم الشعب الفرنسي ومنذ ذلك التاريخ أصبح مجلس الدولة جهة قضائية عليا بأتم معنى الكلمة حيث تم الفصل بين القضاء الإداري و القضاء العادي. ودرءا لأي تنازع في مجال الاختصاص قد يثور تم إنشاء محكمة تنازع تتولى الفصل في المنازعات بشأن الاختصاص الذي قد يحدث بين القضاء العادي و القضاء الإداري عند ابتداعه فكرة تمييز قواعد القانون الإداري عن مجموع قواعد القانون الخاص.

وقد نجح المجلس في تبرير هذه القواعد وتأسيس استقلالية القانون الإداري باعتباره القانون الذي يحكم المنازعات الإدارية . ولقد أحدث نجاحه هذا تخوفا لدى البعض من أن المجلس اغتصب الوظيفة التشريعية في فرنسا. وقد نجح المجلس في تبرير هذه القواعد وتأسيس استقلالية القانون الإداري باعتباره القانون الذي يحكم المنازعات الإدارية . عند إقراره للقواعد تحت عنوان القضاء الإنشائي أو الدور الإبداعي لمجلس الدولة وذلك بمناسبة فصله في القضايا المعروضة عليه . ومن خلال هذا العرض التاريخي السريع يتبيّن لنا أنّ رغبة السلطة الفرنسية كانت واضحة في إبعاد القضاء العادي من أن يتولى النظر في منازعات الإدارة حتى لا يعرقل نشاطها وأعمالها . وإنّ إنشاء مجلس للدولة جاء ليترجم بصدق ضرورة التفكير في قواعد استثنائية غير مألوفة في مجال روابط القانون الخاص تحكم نشاطات الإدارة. ولقد أثبتت التجربة أنّ مجلس الدولة ومن خلال المنازعات المعروضة عليه عرف كيف يوازن بين مصلحة الإدارة وحقوق الأفراد الأمر الذي منحه ثقة المتقاضين و الشعب الفرنسي عامة . واقتنع مجلس الدولة تمام الاقتناع أنّ تطبيق قواعد القانون المدني على منازعات الإدارة سيقف دون شك حائلا دون قيامه بمهمته على أفضل وجه ويعرقل حسن سير المرافق العامة. ولو اعتمد مجلس الدولة على قواعد القانون الخاص وحده حال فصله في المنازعات المعروضة عليه لما وصل القانون الإداري إلى ما وصل إليه ولما عرف ذاتيته واستقلاليته . و أسّس مجلس الدولة قراراته على روح القانون العام أحيانا و على مقتضيات العدالة أحيانا أخرى و على حسن سير المرفق العام في حالات ثالثة ودأب مجلس الدولة على تقسيم أعمال السلطة التنفيذية إلى قسمين: أعمال السيادة وأعمال الإدارة العامة . فترك للإدارة حرية واسعة في دائرة الأعمال الأولى، وأقرّ عدم صلاحيته في مراقبة هذا النوع من الأعمال إن إلغاءا أو تعديلا ، وقصر رقابته فقط على ما يسمى بأعمال الإدارة العادية.

ويعود سر استبعاد مجلس الدولة الفصل في القضايا التي تتعلق بما اصطلح عليه بأعمال السيادة من وجهة نظرنا أنّ لهذا النوع من الأعمال وثيق الصلة بالسياسة العامة للدولة، بشكل عام مما سيكون لها ( أي الأعمال) بالغ الأثر على مجريات الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية . و أنّ التعرض لها بإلغاء من جانب المجلس الدولة من شأنه أن يفسد على السلطة التنفيذية ما رسمته من خطط لذلك استبعدها المجلس من مجال رقابته . وأمام ما حققه المجلس من نجاح كبير لم تجد الدول الأوربية حرجا في التأثر بالنّمط القضائي الفرنسي و تخلت عن نظام القضاء الموحد كبلجيكا و ايطاليا وامتد أيضا لتركيا و اليونان. و بدورها سارعت بعض البلدان العربية كمصر وتونس و المغرب و الجزائر لتبني فلسفة القانون الإداري واستيعاب فكرة القواعد الاستثنائية وفصل جهة القضاء الإداري عن القضاء العادي ولو مرحليا وذات الأمر حدث في كل من السنغال وكوت ديفوار و الغابون. وبهذا النجاح تعمّقت مكانة مجلس الدولة سواء في ضمير الشعب الفرنسي كحارس للحريات العامة و لحقوق الإدارة حافظا لمكانتها، مما دفعه إلى إقرار كثير من الامتيازات و السلطات و التي أصبحت تشكل فيما بعد جزءا لا يتجزأ من القانون الإداري .

ّهذا و يجدر التنبيه أن مجلس الدولة يتكون من هيئات إدارية وأخرى قضائية. وقد عهد للقسم الإداري بالمجلس وظيفة الاستشارة و ينقسم بدوره إلى قسم الشؤون الاجتماعية، وتمّ إنشاء لجنة جديدة أطلق عليها اسم لجنة التقرير وأسند إليها دور هام تمثل في إبداء الرأي حول مشروعات القوانين أو اللوائح المقترحة الخاصة بالإصلاح الإدارة. كما أسند إليها مهمة أخرى تتمثل في مراقبة تنفيذ الأحكام القضائية أما عن طريق العرائض التي يتقدم بها الأفراد للقاضي الإداري عند امتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام.

أمّا الوظيفة القضائية للمجلس فتتمثل في صلاحيته كمحكمة أول درجة بالنظر في المنازعات المحددة على سبيل الحصر منها:

- الطعون الخاصة بتجاوز السلطة أو دعاوى الإلغاء الموجهة ضد المراسيم اللائحية أو الفردية.

- المنازعات المتعلقة بالمراكز الفردية للموظفين المعنيين بمرسوم.

- الطعون الموجهة ضد أعمال إدارية يتجاوز نطاق تطبيقها دائرة اختصاص محكمة إدارية واحدة.

- كما ينظر المجلس في المنازعة الإدارية باعتباره محكمة استئنافية بخصوص الطعون المرفوعة ضد أحكام المحاكم الإدارية الإقليمية.

 المطلب الخامس: محكمة التنازع وقرار بلا نكو الشهير

إنّ الحذر الذي راود كثيرا من رجال الفقه و الإدارة في فرنسا لم يكن من القضاء العادي فقط، بل التخوف كان مركزا أكثر على القواعد القانون الخاص. لذا فان تخصيص قضاء مستقل للإدارة كان الهدف منه إحداث نواة لقانون متميز يحكم نشاطها. وكانت مهمته هذه في غاية من الصعوبة خاصة من ناحية تعليل عدم صلاحية قواعد القانون الخاص لأن تحكم بعض صور نشاط الإدارة. ولعلّ النقلة النوعية و القرار التاريخي تجسد في قرار بلا نكو الشهير. ونظرا لأهميته نسوق وقائعه و منطوقه :

تعرضت بنت صغيرة تدعى إيجنز بلا نكو لحادث تسببت فيه عربة تابعة لوكالة التبغ الّتي كانت تنقل إنتاج هذه الوكالة من المصنع إلى المستودع. قام ولي البنت برفع دعوى لتعويض الضرر المادي الذي حصل لأبنته أمام المحكمة العدلية أو القضاء العادي على أساس أحكام القانون المدني الفرنسي. إلاّ أنّ وكالة التبغ اعتبرت أنّ النزاع يهم الإدارة وأنّ مجلس الدولة هو صاحب الاختصاص لذلك طالبت بإيقاف النظر في الدعوى حتى تبت محكمة تنازع الاختصاص في هذا الإشكال.

وحال عرض الأمر عليها أجابت محكمة تنازع الاختصاص بتاريخ 08 فبراير 1973 بما يلي:

"حيث أنّ المسؤولية الّتي يمكن أن تتحمّلها الدولة بسبب الأضرار التي يلحقها أعوان المرفق العام بالأفراد لا يمكن أن تخضع لمبادئ القانون المدني الّتي تضبط علاقة الأفراد فيما بينهم.

- حيث أن هذه المسؤولية ليست عامة أو مطلقة بل لها قواعدها التي تتغير حسب مقتضيات المرفق العام وضرورة التوفيق بين مصلحة الدولة وحقوق الأفراد.

- وحيث أصبحت بالتالي السلطة الإدارية وحدها المختصة بالنظر في هذا النزاع وهو ما يجعل قرار رئيس المقاطعة في رفع القضية أمام المحكمة قرار صائبا يستوجب إقراره ".

و هكذا يتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك أنّ هذا القرار أحدث هزة لا مثيل لها بخصوص إثبات ذاتية القانون الإداري على اعتبار أنّه مجموعة قواعد تحكم الإدارة العامة وتتضمن أحكاما استثنائية غير مألوفة في مجال روابط القانون الخاص. وإذا نحن أمعنا النظر في حيثيات هذا القرار و منطوقه نستنج ما يأتي:

1- أنّ هذا القرار أعلن عن وجود قواعد خاصة تحكم نشاط الإدارة بقوله: "حيث أنّ المسؤولية التي يمكن أن تتحمّلها الدولة لا يمكن أن تخضع لقواعد القانون المدني..."، ومنها (أي الحيثية) يفهم أنّ قواعد القانون المدني لم تعد تواكب نشاط الإدارة ولا تليق بطبيعة عملها. لذا وجب استبعادها لعدم صلاحيتها وقصر تطبيقها فقط على الأفراد بحسب ما أشير إليه صراحة. وحين يستبعد القانون المدني يقتضي المنطق القانوني التفكير في قواعد بديلة أكثر ملائمة لطبيعة النشاط الإداري أصطلح على تسميتها فيما بعد بقواعد القانون الإداري.

2- أكد القرار على خضوع الدولة للمسؤولية فعدم خضوعها لقواعد القانون المدني لا يعفيها من تحمل المسؤولية. وفي هذا المسلك مخالفة للقناعة السائدة في ذلك الوقت وهي عدم مسؤولية الدولة عن أعمال موظفيها.

3- أفصح هذا القرار عن المعيار المعتمد لمعرفة طبيعة المنازعة وهل يختص بالفصل فيها القضاء الإداري أم القضاء العادي وهذا المعيار أصطلح على تسميته بمعيار المرفق العام. فهو الّذي فرض مثل هذه القواعد الغير مألوفة في مجال روابط القانون الخاص.

4- أقرّت محكمة التنازع الفرنسية صراحة أنّ القواعد التي يخضع لها المرفق العام غير مستقرة وثابتة بل إنها تتغير كلما فرضت مصلحة المرفق ذلك فهي إذن في حركة مستمرة. و إزالة لكل خوف لدى الأفراد المتعاملين مع الإدارة أعلنت محكمة التنازع إن هذه القواعد الغير مألوفة ينبغي أن يراعي فيها التوفيق بين مصلحة الإدارة وحقوق الأفراد.

5- إنّ هذا القرار التاريخي اعترف للقاضي الإداري بتطبيق قواعد القانون الإداري. ولقد كان لهذا القرار بصمة واضحة ليس من ناحية إقرار مسؤولية الدولة فحسب بل من ناحية تعريف القانون الإداري و تحديد أسسه ورسم نطاقه وولايته كما سنرى ذلك لاحقا.

ومن ذلك كله نستنتج أنّ الازدواج القضائي أدى إلى الازدواج القانوني، أي وجود نوعين من القواعد القانونية. أحدها قواعد القانون الخاص التي تحكم كأصل عام منازعات أشخاص القانون الخاص. وثانيهما قواعد القانون العام التي تحكم المنازعات الإدارية و تستمد كأساس مصدرها من القضاء نفسه. ذلك أنّ قواعد القانون الإداري لم تنشأ بتدخل من المشرّع، ولم يصدرها في شكل منظومة مقننة كالقانون المدني أو التجاري أو الجنائي، وإنما نشأت هذه القواعد تباعا وعلى مدى مراحل طويلة على يد القضاء الفرنسي خاصة.

<><>

 المبحث الثاني : تنظيم مجلس الدولة الفرنسي و اختصاص القضاء الإداري 8.

يمثل مجلس الدولة في فرنسا قمة القضاء الإداري فهو يعلو على المحاكم الإدارية سواء أكانت نوعية أم متخصصة. ويمتاز أعضاء المجلس بمؤهلات عالية ومتنوعة، ويرأس المجلس رئيس الوزراء أو الوزير الأول وعند غيابه وزير العدل يتم تقسيم العمل في المجلس بحيث يعمل الأعضاء الأصغر سناً على تحضير القضايا والملفات بينما يتم اتخاذ القرارات النهائية من الأعضاء الأكبر سناً. ووفقاً للمرسوم الصادر في 31 يوليو 1945 المعدل بالمرسوم في 30 سبتمبر 1953 يتكون المجلس من الأعضاء الآتين :

 المطلب الأول : تنظيم مجلس الدولة الفرنسي.

 الفرع الأول : المندوبون و النواب

المندوبون هم يشغلون أدنى درجات السلم الإداري في المجلس ويتم تعيينهم من بين خريجي المدرسة الوطنية للإدارة الذين يقضون مدة سنتين تحت الاختبار يتم نقلهم إلي وظيفة أخرى في حالة عدم إثبات كفاءتهم في العمل. ويقسمون إلي درجتين الدرجة الأولى توضع في السلم الأول للجهاز الإداري ويتم ترقيتهم إلي الدرجة الثانية في حالة إثبات كفاءتهم ، وقد كانت الفكرة الأساسية تقوم على أساس اقتصار عمل المندوبين على التمرين والتدرب على عمل المجلس، أما الآن فإنهم يشاركون بشكل فاعل في دراسة وتحضير ملفات القضايا.

و النواب ويتم اختيار ثلاثة أرباعهم من المندوبين من الدرجة الأولى ويعين الربع الأخير منهم من الحكومة من خارج المجلس بشرط أن يتوفر فيهم أمران :

الأول : بلوغ الثلاثين من العمر على الأقل .

الثاني : أن لا تقل خدمتهم داخل الإدارة العمومية عن عشر سنوات .

ويتولى النواب تقديم المطالعة بشأن موضوع النزاع ويختار من بينهم مفوضو الحكومة الذين يعينون بمرسوم ويقومون بدراسة الدعاوى المطروحة أمام المجلس من ناحية الوقائع والقانون ويتولون تكييفها واستخلاص حكم القانون فيها .

وهم لا يمثلون الحكومة كما توحي تسميتهم فهم يعبرون عن وجهة نظر القانون التي يضمنونها في ما يمكن اعتباره مشروع حكم كان له في كثير من الأحيان دور مهم في تأسيس العديد من مبادئ القانون العام.

 الفرع الثاني : مستشارو الدولة في الخدمة العادية :

ويتم اختيار ثلثيهم من بين النواب عن طريق ترقيتهم ويختار الثلث الباقي من الحكومة بشرط بلوغهم سن الخامسة والأربعين . ويتولى هؤلاء مناقشة القضايا المعروضة على المجلس واتخاذ القرارات النهائيـة ويبلغ عددهم حالياً (79) مستشاراً .

 الفرع الثالث : رؤساء الأقسام و نائب رئيس المجلس .

رؤساء الأقسام يبلغ عددهم خمسة ويتولون إدارة العمل في أقسام المجلس الخمسة وهي أربعة أقسام إدارية ( قسم المالية، قسم الداخلية ، قسم الأشغال العامة، القسم الاجتماعي ) والقسم الخامس منها وهو القسم القضائي الذي يختص بالفصل في المنازعات الإدارية .

ونائب رئيس المجلس هو الرئيس الفعلي للمجلس لان رئيس المجلس وهو الوزير الأول أو رئيـس الوزراء وفي حالة غيابه وزير العدل يقتصر عمله على تولي رئاسة الجمعية العمومية للمجلس في المناسبات الرسمية ضماناً لانتقال مجلس الدولة عن السلطة التنفيذية .

بجانب هؤلاء الأعضاء الدائمين هناك فئات تسهم في أعمال المجلس بشكل عارض ومنهم مستشارو الدولة في الخدمة غير العادية الذين يتولون المشاركة في بعض الاختصاصات الإدارية دون القضائية وهم من كبار الموظفين أو المتقاعدين أو الشخصيات المعروفة تعينهم الحكومة لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد بشرط انقضاء سنتين على عملهم خارج المجلس .

كذلك يملك الوزراء الحضور إلي المجلس والمشاركة في المناقشات باستثناء القسم القضائي ومن حقهم أن يطلبوا من المجلس استدعاء أي شخص للإدلاء برأيه في القضايا المعروضة .

ويلاحظ أن أعضاء مجلس الدولة لا يتمتعون بمبدأ عدم القابلية للعزل من الناحية القانونية على أن الواقع الفعلي وتاريخ المجلس في مواجهة الحكومة يؤكد وجـود هذه الحصانة بسبب المكانة الراسخة للمجلس في الضمير القانوني لا يحرمها، وهي الضمانة التي مكنته من فرض استقلاله عن الحكومة.

المطلب الثاني : اختصاص القضاء الإداري الفرنسي9 .

 الفرع الأول : اختصاصات مجلس الدولة .

يمارس مجلس الدولة في فرنسا نوعين من الاختصاصات : اختصاصات استشارية وأخرى قضائية:

1– الاختصاصات الاستشارية : الوظيفة الأساسية لمجلس الدولة كانت استشارية وما يزال المجلس يمارس هذه الوظيفة في مجالين المجال التشريعي والمجال الإداري ففي المجال التشريعي كان المجلس يشارك في تحضير القوانين وإعداد مشروعاتها . وفي ذلك نصت المادة 39 من الدستور الفرنسي لعام 1958 على وجوب إعداد مشروعات القوانين التي تقترحها الحكومة على البرلمان من مجلس الدولة إلا أن القوانين التي يقترحها البرلمان لا يستشار المجلس بشأنها. أما في المجال الإداري فان المجلس يمارس اختصاصه الاستشاري في ثلاث حالات : بصفة إجبارية إذ تلزم الحكومة باستشارته عند إصدارها للقرارات التنظيمية وكذلك عند إصدارها للقرارات الإدارية المعروفة باسم الأوامر طبقاً للفصل 38 من دستور 1958 .

وبصفة اختيارية في الحالات الأخرى بناءً على رغبة الجهة طالبة المشورة .

كذلك يجوز للمجلس أن يتدخل بنفسه لإبداء رأيه لإثارة انتباه السلطات العمومية إلي الإصلاحات الواجب مراعاتها في المجالات التشريعية والتنظيمية والإدارية التي يراها مطابقة للمصلحة العامة . وبصدور قانون عام 1963 أصبح من الواجب على المجلس أن يقـدم تقريراً سنوياً للحكومة بشأن الإصلاحات التي يراها ضرورية .

2- الاختصاصات القضائية : إذا كان الإفتاء هو الغرض الأساس الذي أنشئ مجلس الدولة من اجله فقد أضحى الاختصاص القضائي يحتل الجانب المهم من دوره لأن مجلس الدولة يمثل أعلى درجات القضاء الإداري في فرنسا بوصفه محكمة أول وأخر درجة ومحكمة استئناف أو محكمة نقض .

 الفرع الثاني : مجلس الدولة كمحكمة أول وآخر درجة

قبل عام 1954 كان مجلس الدولة يتمتع باختصاصات واسعة بوصفه محكمة أول وآخر درجة لأنه يمثل الولاية العامة في مجال القضاء الإداري ، إلا انه بصدور مرسوم 30 سبتمبر 1953 الذي أصبح نافذاً في يناير 1954 أصبحت المحاكم الإدارية صاحبة الولاية العامة في نظر المنازعات الإدارية وبسبب تراكم القضايا المعروضة أمام المجلس وبغية الإسراع في فض المنازعات أصبح اختصاص المجلس كأول وآخر درجة محدداً بالقضايا الآتية :

- الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات التنظيمية والفردية الصادرة بشكل مراسيم، وإلغاء قرارات الوزراء بسبب تجاوز السلطة .

- المنازعات المتعلقة بالموظفين المعينين بمراسيم، فيما يتعلق بوظائفهم .

- الدعاوى المرفوعة ضد القرارات الإدارية التي يمتد نطاق تنفيذها إلي حدود أكثر من محكمة إدارية واحدة.

- المنازعات الإدارية التي تقع في مناطق لا تدخل في اختصاص محاكم إدارية .

الفرع الثالث : مجلس الدولة كمحكمة استئناف .

يقوم المجلس بالنظر بصفته درجة ثانية في التقاضي في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية في المستعمرات ومحكمة المحاسبات.

الفرع الرابع : مجلس الدولة كمحكمة نقض .

يمارس مجلس الدولة اختصاص محكمة نقض بالنسبة للأحكام الصادرة من محاكم القضاء الإداري التي لا يجوز استئناف أحكامها أمامه إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك.

المطلب الثالث : المحاكم الإدارية .

أنشأت المحاكم الإدارية في فرنسا بتاريخ 30 سبتمبر 1953 وهي وريثة في الواقع لمجالس الإقليم التي أنشأت منذ 16 فبراير 1800 لتقديم الاسـتشارات والفتاوى إلي المحافظين . وكذلك كانت تمارس اختصاصاً قضائياً فيما يتعلق بالضرائب المباشرة والأشغال العامـة وبيع ممتلكات الدولة والمخالفات الخاصة بالبناء والمنازعات الخاصة بالانتخابات الإدارية المحلية. إلا انه وبموجب المرسوم الصادر في 30 سبتمبر 1953 أطلق على مجالس الأقاليم اسم المحاكم الإدارية وتمتعت بالولاية العامة في المنازعات الإدارية، ولا يخرج من اختصاصها إلا الموضوعات التي حددها القانون وأناطها إلي جهات قضائية أخرى.

وتملك المحاكم الإدارية بالإضافة إلي اختصاصها القضـائي اختصاصاً استشارياً يتمثل بإصدار المشورة في المسائل المعروضة عليها من الإدارة في نطاق الحدود الإقليمية للمحكمة، وهو اختصاص ثانوي إذا ما قيس باختصاصها القضائي. ويترأس كل محكمة رئيس وله نائب أو نائبان وعدد من الأعضاء ويعين رؤساء المحاكم الإدارية وأعضائها بواسطة مراسـيم بناءً على اقتراحات وزير الداخلية وموافقة وزير العدل .

وتقبل الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية في المنازعات الإدارية الطعن أمام المحاكم الاستئنافية أو أمام مجلس الدولة وفقاً للقانون .

المطلب الرابع : المحاكم الإدارية الاستئنافية .

ورغم إنشاء المحاكم الإدارية سنة 1953 واختصاصها بالفصل في اغلب المنازعات الإدارية، فان العبء الواقع على عاتق مجلس الدولة ظل ثقيلاً، إذ تتراكم أمامه القضايا سواء باعتبارها محكمة أول درجة أو محكمة استئناف أو محكمة نقض وهذا ما أدى إلي التأخير في نظر القضايا وإصدار الأحكام بشأنها ولهذا تدخل لمشرع الفرنسي في سنة 1987 وإنشاء محاكم جديدة هي المحاكم الإدارية الاستئنافية تتكون من خمس محاكم موزعة على أنحاء البلاد لكي يطعن أمامها في الأحكام الصادر من المحاكم الإدارية .

<><>

 المبحث الثالث : مراحل تطور نظام القضاء الإداري في الجزائر10.

 المطلب الأول : المرحلة الاستعمارية 1830-1962 

لقد تطور وتغيير تشكيل و اختصاص التنظيمات و الهيئات المختصة بالنزاعات الإدارية خلال الفترة الاستعمارية من 1830إلى 1962 حسب تطورات الأوضاع في فرنسا والجزائر مع انحيازها و انقيادها لخدمة الاستعمار على حساب العدل وحقوق وحريات الجزائريين .

 الفرع الأول : مجلس الإدارة ومجلس المنازعات 

حاولت السلطات الاستعمارية خلال هذه المرحلة وضع هيئات قضائية مختصة في الفصل في النزاعات الإدارية حيث وضع أول هيكل قضائي تحت تسمية مجلس الإدارة في سنة 1832وهيكل قضائي ثاني سمي مجلس المنازعات في سنة 1845.

1- مجلس الإدارة : أنشئ مجلس الإدارة سنة 1832مشكلا ًمن ممثلين للجهات مختلفة كما حول له صلاحيات متنوعة حيث يتكون هذا المجلس من كبار المواطنين و المسئولين عن الجهات الإدارية والمدنية والعسكرية والجهات القضائية إذا أنه يتألف طبقاً للنصوص الخاصة 1834 تحت رئاسة الحاكم العام بالجزائر بعد احتلالها من رئيس مجلس الإدارة والناظر الإداري والنائب العام إضافة إلى مدير المالية والضرائب يليها ضباط العسكريين .

و اختصاصاته يتميز اختصاص مجلس الإدارة بطابعه المتنوع والمــــختلط حيث كان يتمتع تبعاً لطبيعة تكوينية بصلاحيات إدارية وأخرى قضائية فبالنسبة للاختصاص القضائي فكان مجلس الإدارة يعتبر جهة استئناف من حيث النظر في الطعون الموجهة ضد أحكام المحاكم العادية إلى غاية 1834 كما كان يعتبر قاضي أو آخر درجة حيث يفصل ابتدائيا ونهائياً في المنازعات الإدارية،ذلك أن مجلس الدولة الفرنسي في باريس كان دائماً يرفض النظر في الطعون الموجهة ضد قراراته كما يتجلى بصورة واضحة في قضية كابي سنة 1834 .

2- مجلس المنازعات : أسس مجلس المنازعات بواسطة الأمر الملكي المؤرخ في 15أفريل لسنة 1845المتضمن أساساً إعادة تنظيم الإدارة الجزائرية المركزية والمقاطعات الجزائرية .

ويمكن اعتبار هذا المجلس هيئة قضائية شبه مستقلة عن الإدارة من حيث تشكيله وصلاحياته وخاصة من حيث بعض القرارات الصادرة عنه ، حيث يتشكل ويتكون من رئيس وأربعة مستشارين ونائب عام وكاتب ضبط .

و اختصاصاته كان المجلس يمارس الاختصاصات الموكلة بصورة عامة لمجالس العمالات أي الولايات في فرنسا آنذاك ومن ثم فقد كان المجلس يلعب دور المستشار للإدارة إلى جانب اختصاصه القضائي المتمثل في النظر في بعض المنازعات المتعلقة بالضرائب والأشغال العامة مع إمكانية الطعن في قراراته أمام مجلس الدولة في باريس وكانت القرارات في مجلس المنازعات وخاصة تلك الناتجة عن النزاعات المتعلقة بالملكية،تعتبر بمثابة سندات ملكية قانونية وهي قابلة للاستئناف أمام مجلس الدولة في فرنسا .

 الفرع الثاني: مجالس المديريات ومجالس العمالات.

1- مجالس المديريات : تم إنشاء مجالس المديريات في سنة 1847في ثلاث مناطق من وهران - الجزائر-قسنطينة وهو يتشكل من رئيس للمجلس في بعض المنازعات الإدارية مثل المنازعات الخاصة بالضرائب ومنازعات الغابات وكل ما يتعلق بالحقوق العمومية والمرافق العمومية للدولة.

2- مجالس العمالات والمحافظات : حيث تم في سنة 1848إنشاء ثلاث مجالس عمالات في كل من عمالة الجزائر- وهران - قسنطينة مع مراعاة الأوضاع بالجزائر ومقتضيات وسياسات السلطة الفرنسية الاستعمارية ويتشكل هذا المجلس من نفس أعضاء مجلس المديرية السابق،فرغم التغيرات التي طرأت على تركبيه البشرية في فترة وجوده إلا أن الطابع الغالب هو هيمنة إدارة المحافظة عليه.

و اختصاصاته يتمتع مجلس العمالة بصلاحيات متنوعة إذا يعتبر هيئة استشارية حيــــث يجب على المحافظة أي الوالي أن يستشيره ويطلب رأيه في العديد من المواضيع حسب المرسوم الصادر في 28أكتوبر 1858إذ كان مجلس عمالة قسنطينة مثلاً يعطي حوالي 440رأياً سنوياً من خلال الفترة من 1870إلى 1962كذلك يعتبر هيئة إدارية نظراً لكفاءتهم واختصاصاتهم فإن المحافظ أو الوالي كان يكلف أعضاء المجلس بمهام ويفوض لهم صلاحياته نظراً لشاسعة العمالة وأتساعها، كما أنه يعتبر هيئة قضائية حيث تتمتع مجالس العملات ببعض الصلاحيات القضائية حيث كانت تنظر في الطعون المتعلقة بالمنازعات الانتخابية المحلية ومنازعات الطرق ومنازعات الضرائب المباشرة ومنازعات الأشغال العامة ، حيث أنها من هذه الناحية كانت تمثل قاضي اختصاص إذ أن الولاية العامة بالمنازعات الإدارية في هذه الفترة كانت لمجلس الدولة بباريس .

 الفرع الثالث: المحاكم الإدارية .

تبعاً لإصلاح النظام القضائي في فرنسا ومستعمراتها أصدر المشرع الفرنسي قانوناً تحت رقم 53-611 بتاريخ 11 جويلية 1953 وذلك لتحويل مجالس العمالات السابقة القائمة في كل من الجزائر ووهران و قسنطينة إلى محاكم إدارية حيث تتألف هذه الأخيرة من رئيس وثلاثة مستشارين يمارس أحدهم مهمة مفوض الحكومة ، كما يتم اختيارهم من الطلبة خريجي المدرسة الوطنية للإدارة بعد تربص لدى قسم المنازعات لمجلس الدولة و نستنتج من هذا أن قانون واحد نظم المحاكم الإدارية سواء كانت في الجزائر أو في فرنسا تتشكل من أعضاء مختصين في القانون و مستقلين عن الإدارة.

واختصاصاتها إضافة لبعض الاختصاصات الاستشارية أصبحت المحاكم فــي مجال الاختصاص القضائي ، لها ولاية عامة في النظر في جميع المنازعات الإدارية داخل اختصاصها المحلي،ماعدا ما كان القانون تمنحه صراحة لمجلس الدولة والذي كان يعتبر جهة استئناف .

1- الاختصاص النوعي : بعدما كانت المجالس الولائية هيئات قضائية ذات الصلاحيات المحدودة، فإن المحاكم الإدارية أصبحت هيئات قضائية ذات الولاية العامة أي مختصة في جميع النزاعات الإدارية ما عدا تلك المخولة لمجلس الدولة كذلك تختص في النظر في دعاوي تفسير وفحص مشروعية القرارات الإدارية التي تندرج في مجال اختصاصها.

2- الاختصاص الإقليمي: تضمنت عدة نصوص قانونية التقسيم الإقليمي في الجزائر وكذا الاختصاص الإقليمي للمحاكم الإدارية في هذا الموضوع وبذلك أصبحت المحاكم الإدارية ثلاث في الجزائر ووهران و قسنطينة محاكم مابين المحافظات وتم توزيع الاختصاص الإقليمي على المحاكم الثلاث كما يلي :

- الاختصاص الإقليمي للمحكمة الإدارية بالجزائر يضم الولايات التالية : الجزائر- الأصنام- المدية -تيزي وزو - عنابة وجزء من الواحات.

- الاختصاص الإقليمي للمحكمة الإدارية بوهران يضم الولايات التالية: وهران – عنابة – مستغانم – تيارت - تلمسان – سعيدة - ساورة.

- الاختصاص الإقليمي للمحكمة الإدارية بقسنطينة يضم الولايات : قسنطينة – باتنة – سطيف – عنابة – بجاية - والجزء الثاني من الواحات .

 المطلب الثاني : مرحلة الاستقلال 1962 - . 1996

لقد عرف التنظيم القضائي بالمنازعات الإدارية عدة تطورات مند استقلال الجزائر إلى حين صدور التعديل الدستوري ( دستور1996 ) الذي أحدث نظاماً قضائياً مزدوجاً بموجب المادة152 منه .

 الفرع الأول : فترة المحاكم الإدارية ( المرحلة الانتقالية من 62-65 ).

غداة استرجاع السيادة الوطنية سنة1962،وجدت الدولة الجزائرية نفسها أمام مجموعة من العوائق ومخلفات الاستعماري على جميع المستويات الاجتماعية - الاقتصادية والثقافية وكان عليها أن تختار بين أحد الطريقتين : إما أن تستمر في تطبيق التشريع الفرنسي،أو أنتعيش مدة فراغ قانوني على جميع المستويات. وقد حسم القانون رقم62-153 المؤرخ في 31/12/1962 الموقف فقضى باستمرار تطبيق التشريع الفرنسي إلا ما كان يتنافى منه مع السيادة الوطنية كان يتعلق الأمر بالسياسة الداخلية والخارجية للدولة الجزائرية أو التفرقة العنصرية.

وقد يبرر المشرع هذا التمديد في ديباجة القانون المذكور بقوله : " إذا كانت الظروف لا تسمح بإعطاء البلاد تشريعاً يتماشى مع احتياجاتها وطموحاتها فإنه من غير المعقول تركها تسير بدون قانون.

لذلك كان من الضروري تمديد مفعول القانون القديم و استبعاد الأحكام التي تتنافى و السيادة الوطنية إلى أن يتم التمكن من وضع تشريع جديد" ومن هنا كان الوضع سنة الحصول على الاستقلال في غاية من التعقيد على جميع المستويات والأصعدة الاقتصادية و الاجتماعية والقانونية ، مما فرض على سلطة الإبقاء مؤقتاً على التشريع الفرنسي في حدود معينة ، ريثما يتم التفكير في إعداد تشريع جديد يلائم ظروف المجتمع الجزائري وفلسفة الدولة المستقلة .ليمارس مهمة محكمة النقض بالنسبة للقضاء العادي ومجلس الدولة بالنسبة للمنازعات الإدارية وهو نفس ما حدث بالنسبة للدول المغاربية. وإعمالاً بالقانون رقم 62-157 المذكور يتم الاحتفاظ بالمحاكم الإدارية الثلاث الموجودة بالجزائر العاصمة و قسنطينة ووهران

وعهد إليها الفصل في المنازعات الإدارية بحكم قابل للاستئناف أمام المجلس الأعلى . وبذلك تحققت الازدواجية في النظام القضائي الجزائري بموجب هذا القانون على مستوى أدنى درجات التقاضي . إذ فصل المشرع بين منازعات القضاء العادي ومنازعات القضاء الإداري ، فتفصل في النوع الأول من القضايا كل من المحاكم باعتبارها أول درجة من السلم القضائي ومحاكم الاستئناف ( المجالس القضائية ) والمجلس الأعلى باعتباره محكمة نقض حل محل محكمة النقض الفرنسية.

أما المنازعات الإدارية ، فتفصل فيها المحاكم الإدارية الثلاث كما قلنا بحكم قابل للطعن أمام المجلس الأعلى ، بذلك تحققت الوحدة في أعلى الهرم القضائي ولعل هدف المشرع من اعتماد نظام وحدة القضاء على مستوى أعلى الهرم القضائي ، يتمثل في تبسيط الإجراءات وتشريع الفصل في القضايا وذلك التلاقي مساوئ الازدواجية التي تؤدي إلى تنازع الاختصاص بين جهات القضاء العادي وجهات القضاء الإداري . والحقيقة أن هناك مبررات جمة دفعت المشرع للاحتفاظ بالمحاكم الإداريـة خاصة بالنظر في طبيعة المنازعات الإدارية وما تستوجبه من تأطير خاص ، فلم يعهد المشرع في بداية الأمر إلى إلغاء المحاكم الإدارية لأنه لو فعل ذلك لأدى الأمر إلى أن يعهد بالمنازعة الإدارية إلى جهة القضاء العادي وهذا أمر ينطوي على خطورة إذ قد يتأثر القاضي العادي على المنازعات المعروضة عليه شبه صريحة لنظام الازدواجية ولأحدث بدلك نظاماً قضائياً منسجماً و متناسقاً مع المحاكم الإدارية الثلاث التي تم الإبقاء عليها.- إجابة عن هذا السؤال نقول إن إنشاء مجلس للدولة كان يتطلب تأطيراً خاصاً وقضاة على درجة كبير من الكفاءة و الخبرة وهو ما كانت تفتقد إليه الدولة بالعدد المطلوب سنة 1962بحكم العودة

الجماعية للقضاة الفرنسيين لوطنهم لذا إضظر المشرع إلى الاعتراف بالمجلس الأعلى بممارسة مهام مجلس الدولة الفرنسي أن هناك عامل آخر ينبغي أن تصرف الهمة له وهو أن الدولة الجزائرية أرادت أن تكمل استقلالها السياسي الذي تحقق في 05جويلية1962 باستقلال قانوني وأن تثبت للعالم أجمع أنه بإمكانها الاستغناء عن النظام القانوني الفرنسي وتستبدله بتشريع متميز يلائم فلسفة وظروف الدولة المستقلة . وكان إلزاماً على المشرع لو أنشأ مجلساً للدولة سنة 1963أن ينشئ معه محكـــــمة للتنازع ويعود إليها أمر الفصل في حالات تنازع الاختصاص الإيجابي أو السلبي بين جهة القضاة العادي أو القضاء الإداري وإنشاء محكمة التنازع في سنة 1963وكان يتطلب وجود قضاة على درجة عالية من الكفاءة و الخبرة الطويلة وهو ما كانت تشكو منه الدولة في تلك الفترة لذلك تبنى المشرع نظام وحدة القضاء ولو بشكل متميز نظراً لبساطته ولأنه كان يواكب إمكانيات الدولة خاصة البشرية في ذلك

الوقت . و الجدير بالإشارة واستنادا لما أكدته لعض الدراسات المتخصصة أن المحاكم الإدارية الثــلاث التي تم الإبقاء عليها في الفترة الانتقالية شهدت خللاً كبيراً في أعمالها بسبب الهجرة الجماعية بقضاة

الفرنسيين وعدم إمكانية تعويضهم في تلك المرحلة حتى أن الأمر أدى إلى تولي رئيس المحكمة الإدارية للجزائر رئاسة المحكمتين الإداريتين في كل من قسنطينة ووهران اللتين لم تشهدا نفس درجة النشاط والفصل في المنازعات كالمحكمة الإدارية للجزائر العاصمة. متأثراً بالنظام الفرنسي فيما تعلن بالفصل بين المنازعات ا|لإدارية والمنازعات العادية على مستوى البنية القاعدية إلا أنه مع ذلك يمكن وصف هذا النظام بالازدواجية بالمعنى الظني المتعارف عليه وهذا بالنظر لجملة من الأسباب منها :

1- إن نظام الازدواجية يفرض إنشاء مجلس للدولة للفصل بين جهة القضاء العادي وجهة القضاء الإداري وهو الأمر الذي لم يتحقق كما رأينا إذا تولى المجلس الأعلى مهمة الفصل في المنازعات العادية والإدارية على حد سواء.

2- إن نظام ازدواجية القضاء يفرض إنشاء محكمة للتنازع وهو أمر لم يتحقق في نظام القضاء الجزائري في الفترة من 1962إلى 1965وبالتالي إن ازدواجية القضاء في الجزائر وإن بدت ملامحها في الإبقاء على ثلاث محاكم إدارية إلا أن هدا الإبقاء فرضته ظروف تاريخية ولم يكن نتيجة قناعة من المشرع بتميز هذا النظام عن غيره .

 الفرع الثاني : فترة الغرفة الإدارية مابين 1965 - .199811

إن التعرض لنظام الغرفة الإدارية بالمجالس القضائية أمر ضروري بهذا الصدد لعلاقته بنظام المحاكم الإدارية ذلك أن المادة 08 من القانون 98-02المتعلق بالمحاكم الإدارية و تنص على ما يلي : " بصفة انتقالية وفي انتظار تنصيب المحاكم الإدارية المختصة إقليمياً تبقى الغرف الإدارية بالمجالس القضائية وكذا الغرف الإدارية الجهوية مختصة بالنظر في القضايا التي تعرض عليها

طبقاً للقانون الإجراءات المدنية القديم "

* كيف تطور نظام الغرفة الإدارية ؟ وما هي الأشكال التي اتخذتها تلك الغرفة ؟

1- التطور :بعد إلغاء المحاكم الإدارية الثلاث الموروثة عن الاستعمار بموجــب الأمر 65-278 الــمؤرخ في 16/11/1965المتضمن التنظيم القضائي تم نقل اختصاصاتها إلى المجالس القضائية من خلال الغرف الإدارية التي أقيمت بها إلى جانب الغرف الأخرى وهو ما أكده لاحقاً الأمر

رقم66-154المؤرخ في 08 جوان1966والمتضمن قانون الإجراءات المدنية القديم.

لقد مر تطور نظام الغرفة الإدارية بالمجالس القضائية بالمراحل التالية :

المرحلة الأولى : من 1965-1986 بعد إلغاء المحاكم الإدارية الموروثة عن النظام الاستعماري ثم إحداث 03 غرف إدارية خلفاً لها بالمجالس القضائية بكل من الجزائر- وهران - قسنطينة.

المرحلة الثانية : من1986-1990 أمام ازدياد المنازعات الإدارية تم رفع عدد الغرف الإدارية إلى 20غرفة بموجب المرسوم رقم80-107 المؤرخ في 29/04/1986 الذي أضاف 17 غرفة إدارية.

المرحلة الثالثة : من 1990-1998حيث تم غرفة إدارية بكل مجلس من المجالس القضائية الـــواحدة والثلاثين الموجودة - حينئذ- عبر التراب الوطني مع إضافة غرف أخرى كما تم إحداث مجلس قضائي جديد. مع الإشارة هنا أن تأسيس مجلس الدولة ومباشرة مهــــامه فعلياً بعد 1998 أدى إلى زوال الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا بينما بقيت الغرفة الإدارية بالمجالس القضائية قائمة وتمارس اختصاصات المحاكم الإدارية بموجب القانون98-02 إلى أن تنصب تلك المحاكم فعلياً.

2- الأشكال :

لقد أخذت الغرفة الإدارية في الواقع ثلاثة أشكال هي :

- الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا : وهي الغرفة التي كانت قائمة ( بالمجلس الأعلى ) أي المحكمة العليا خلال فترة وحدة القضاء من1965 إلى 1998تاريخ تأسيس مجلس الدولة بموجب القانون العضوي 98-01 السابق. لقد كانت هذه الغرفة تحتكر كامل قضاء ا|لإلغاء إلى حين صدور القانون رقم90-23 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات المدنية الذي قام بتوزيع الطعون بالإلغاء بين الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا والغرف الجهوية والغرف الإدارية بالمجالس القضائية بموجب تعديله

للمادة07 قانون الإجراءات المدنية .

- الغرف الإدارية الجهوية : وهي الغرف الإدارية القائمة بالمجالس القضائية التالية: الجزائر- وهران – قسنطينة – بشار - ورقلة ، حينما تختص بالنظر في الطعون بالإلغاء أو بتفسير أو مدى شرعية القرارات الصادرة عن الولايات وفقاً للمادة07 من قانون الإجراءات المدنية المعدل والمتمم حسب اختصاصها المحلي وعلى كل فإن هذا النوع من الغرف كان قد أستند في وجوده إلى اعتبار مفاده استبعاد تأثير الإدارة ( الولاة ) على القضاة وهو الأمر الذي " ليس له أي مبرر قانوني أو منطقي وما هو إلا تعقيد للإجراءات أمام القضاء الإداري ".

- الغرفة الإدارية بالمجلس القضائي :يتوفر كل مجلس فضائي على غرفة إدارية إلى جانب الغرف الأخـرى بموجب القانون رقم 84-13 المؤرخ في 23/06/1984 . المتضمن التقسيم القضائي. وهذا طبقاً لقانون الإجراءات المدنية الساري المفعول إلى حد الآن فإن الغرف الإدارية بالمجالس القضائية ( أو ما يسمى الغرف المحلية ) كما هو الحال بالنسبة للمحاكم الإدارية في فرنسا وهي صاحبة الولاية العامة أو قاضي القانون العام في المنازعات الإدارية طبقاً للمادة منه إلا أن الاستثناءات الواردة على ذلك بموجب المادة07 مكرر من قانون الإجراءات المدنية أو بموجب قوانين أخرى .

 الخاتمة 

إن القانون الإداري بالمفهوم الفني الضيق لم يبرز للوجود إلا في فرنسا وعقب مراحل أساسية يمكن حصرها في الأتي :

- مرحلة عدم مسؤولية الدولة .

- مرحلة الإدارة القاضية .

- مرحلة القضاء المقيد أو المحجوز .

- مرحلة القضاء المفوض ( تغيير الطبيعة القانونية لمجلس الدولة ) .

- محكمة التنازع و قرار بلا نكو الشهير .

و من خلال بحثنا تبين لنا الدور الفاعل للقضاء في بروز القانون الإداري حتى أعتبر بأنه قضائي الأصل و المنشأ .

و بحكم أن الجزائر مستعمرة فرنسية رئينا كيف أثر القانون الإداري الفرنسي على نظيره الجزائري في مرحلة 1830- 1962 ، حيث أبقى المشرع الجزائري الحال على ما هو عليه باستثناء القوانين التي تمس السيادة الوطنية ، و مع تطور الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية للدولة الجزائرية ، أخذ القانون الإداري الجزائري منحى مراعاة الظروف و الفلسفة الخاصة بالمجتمع الجزائري .

 

المراجع

الكتب .

1- أ . محمد الصغير بعلي ، الوجيز في المنازعات الإدارية ، دار العلوم للتوزيع و النشر ، 2006 .

2- أ . عبد العزيز سعد ، أجهزة و مؤسسات النظام القضائي الجزائري ، ( د م ج ) ، ط 1 ، 2006 .

3- الدكتور عياض بن عاشور، القضاء الإداري وفقه المرافعات الإدارية الطبعة الثالثة مركز النشر الجامعي، تونس، 2006

4- أ.د عمار بوضياف ، القضاء الإداري في الجزائر ، الجسور للنشر و التوزيع ، 2004 .

5- د. مسعود شيهوب ، المبادئ العامة للمنازعات الإدارية ، الجزء الأول ، طبعة 1999 .

6- البشير التكاري، مؤسسات إدارية وقانون إداري، كلية الحقوق جامعة تونس، 1995.

7- الدكتور لعشب محفوظ، المسؤولية في القانون الإداري، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية 1994.

8- الدكتور عبد الغني بسيوني عبد الله ، القضاء الإداري ، بيروت، الدار الجامعية ، 1993.

9- الدكتورعمارعوابدي ، الأساس القانوني لمسؤولية الإدارة عن أعمال موظفيها،الجزائر الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، 1982 .

10- د. سليمان محمد الطماوي ، القضاء الإداري ، الكتاب الأول ، دار الفكر العربي ، القاهرة 1976 .

المحاضرات .

1- من محاضرات الأستاذ الدكتور عمار بوضياف ، مدخل لدراسة القانون الإداري ، الأكاديمية العربية المفتوحة ، الدنمارك .

 الهوامش.v

1 الدكتور عمار عوابدي ، الأساس القانوني لمسؤولية الإدارة عن أعمال موظفيها ، الجزائر الشركة الوطنية للنشر و التوزيع – 1982، ص 18.

2 الدكتور عبد الغني بسيوني عبد الله القضاء الإداري ، بيروت، الدار الجامعية ، 1993 ص72 .

3 أنظر الدكتور عياض بن عاشور، القضاء الإداري وفقه المرافعات الإدارية الطبعة الثالثة مركز النشر الجامعي، تونس، 2006، ص 36 وما بعدها

4 أنظر الدكتور عياض بن عاشور، المرجع السابق، ص 39.

5 الدكتور عبد الغني بسيوني عبد الله القضاء الإداري ، بيروت، الدار الجامعية ، 1993 .

6 البشير التكاري، مؤسسات إدارية وقانون إداري، كلية الحقوق جامعة تونس، 1995، ص21.

7 خاصة وأنه جسد مسؤولية الدولة. راجع: الدكتور لعشب محفوظ، المسؤولية في القانون الإداري، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية 1994، ص 27.

8 من محاضرات الأستاذ الدكتور عمار بوضياف ، مدخل لدراسة القانون الإداري ، الأكاديمية العربية المفتوحة ، الدنمارك .

9 د. سليمان محمد الطماوي ، القضاء الإداري ، الكتاب الأول ، دار الفكر العربي ، القاهرة 1976 ، ص 52 و ما بعدها .

10 أ.د عمار بوضياف ، القضاء الإداري في الجزائر ، الجسور للنشر و التوزيع ، 2004 ، ص 42 و ما بعدها ، بتصرف .

أ . محمد الصغير بعلي ، الوجيز في المنازعات الإدارية ، دار العلوم للتوزيع و النشر ، 2006 ، ص 18 و ما بعدها ، بتصرف .

11 د. مسعود شيهوب ، المبادئ العامة للمنازعات الإدارية ، الجزء الأول ، طبعة 1999 .

أ . عبد العزيز سعد ، أجهزة و مؤسسات النظام القضائي الجزائري ، ( د م ج ) ، ط 1 ، 2006 ، ص 12 و ما بعدها .

 

author-img
ala ridha

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent