تعريف القانون الاداري :
يمكن تعريف القانون الاداري على انه فرع من فروع القانون العام الداخلي للدول ، وقد تم إنشاءه تحديدا لتنظيم عمل ونشاط الادارة وايضاً السلطة التنفيدية اتناء قيامها بعملها ، حيث يعمل القانون الاداري على الإشارة بشكل تفصيلي الى كيفية إدارة المرافق العامة في البلاد وايضاً يعمل على تنظيم علاقة الموظفين بالدولة على سبيل المثال في مسائل التوظيف والترقية والتكليف وغيرها ، فكيف إذن نشا هذا القانون الاداري وكيف تطور ، هذا ما سنقوم بشرحه تفصيليا في مقالتنا لهذا اليوم .. . .
هنالك العديد من المصادر والابحاث التي تنسب نشاة القانون الاداري الى دولة فرنسا وذلك بالاستناد الى العديد من العوامل السياسية والاقتصادية والتاريخية وغيرها والتي ادت في الاخير الى انبتاق قانون اداري بكافة توجهاته لكن الامر لم يكن سريعا كما يتخيل البعض بل مر بالعديد من المراحل . .
مرحلة الفساد الاداري في فرنسا:
كما سبق القول فان نشاة قانون اداري لم يكن محض الصدفة بل بالاستناد الى العديد من العوامل التي كانت تعرفها فرنسا انذاك , وقد بدا هذا الفساد قبل اندلاع الثورة الفرنسية حيث عانى الجهاز الاداري الفرنسي ويلات الفساد بانواعه مما عرقل شؤون الادارة حيث كان الملك انذاك لا يهتم بالقطاعات الاخرى بل فقط ببقاءه في سدة الحكم مما واد الوضع سوءا . .
الثورة الفرنسية والفصل بين السلطات:
بعد الثورة الفرنسية اصبح لدى المواطن رؤية واضحة عن الفساد الذي يعيشه الجهاز الاداري مما ادى به الى المناداة بمبدا الفصل بين السلطات وادى ذلك لمنع المحاكم العادية من التعرض لاية قضايا ذات طابع اداري مما سيدفع لاحقا الى استقلال الادارة العامة الفرنسية كليا عن باقي القطاعات الاخرى خاصة القضاء العادي , ومنع بعدها هذه المحاكم من النظر في اية قضية ذات طابع اداري , مما ادى الى التساؤل عن ما الجهة التي تهتم بالنظر في القضايا الادارية ؟
مرحلة الادارة العامة:
لقد ادى التنارع عن مبدا الفصل بين السلطات وتقرير تطبيقه في نهاية الامر الى البحث عن جهة تقوم بتولي النظر في القضايا ذات الطابع الاداري والمنازعات الخاصة بالادارة , وتم تخويل المواطنين اللجوء الى الجهات الادارية المختصة لرفع التظلمات امام لجان معينة , وامام هذه الفوضى العارمة تم ادخال التعديلات اللازمة واقر الدستور انذاك انشاء مجالس المديريات في اقاليم مختلفة من البلاد وسميت هذه المرحلة بمرحلة انشاء مجلس الدولة ومجالس الاقاليم وبالفعل نجح الامر واصبح المواطنين يرفعون شكاواهم ضد الاعمال الادارية الغير مشروعة لها . .
مرحلة الادارة القاضية :
تعد مرحلة الادارة القاضية واحدة من ابرز المرحل حيث تم اصدار قانون يلغي المحاكم القضائية وتم استبدال هذه الاخيرة بما يعرف بالادارة القاضية وقد كانت هذه اول مرحلة عرفها النظام الفرنسي قبل تاسيس مجلس الدولة واصبحت حينها الهيئات الادارية المنشئة صاحبة القرار الكلي في النظر في المنازعات ذات الطابع الاداري فاصبحت بالتالي الادارة هي الحكم الاوحد مما لاقى قبولا من طرف الاغلبية وايضا قد ساهم الامر في التقليص من الفساد الاداري . .
مرحلة القضاء المقيد:
ترتبط هذه المرحلة ارتباطا وثيقا بعهد نابوليون بونابارت وهي المرحلة الاولى التي ادت الى ظهور القضاء الاداري وايضا انتشاره , وفيها ايضا تم انشاء المجالس الخاصة بالمحافظات التي كان السبب في تاسيسها كثرة الطلبات المرفوعة ضد الادارة في ذاك الوقت , وتجدر الاشارة الى ان هذه المجالس لم تكن احكامها نهائية او كاملة . .
مرحلة القضاء المفوض:
تعد هذه المرحلة من اهم وابرز المراحل في نشاة القانون الاداري بشكل كلي حيث تم اصدار قانون ملازم يعطي مجلس الدولة الحق الكامل في النظر و البث النهائي في مجال المنازعات الادارية وذلك ايضا دون الحاجة من الحصول على تراخيص او الاذن او مصادقة على تلك القرارات المتخدة , هذا من جهة اما من جهة اخرى فان الاحكام القانونية بعد ذلك اصبحت تنشر تحت اسم الشعب الفرنسي ليس كالسابق حيث كانت تنشر تحت اسم الدولة , مما ادى الى جعل مجلس الدولة انذاك احد الجهات القضائية العليا في البلاد بكل ما تحمله الكلمة من معنى وذلك خصوصا عندما تم الفصل الكلي و التام بين كل من القضاء العادي والقضاء الاداري , وقد كانت هذه هي مراحل تطور القانون الاداري الفرنسي والذي انتشر لاحقا في العالم واقتبسته الانظمة العربية كنظام جاهز وطبقته على اراضيها خاصة تلك الدول التي كانت مستعمرة من قبل فرنسا كالجزائر والمغرب على سبيل المثال . .