1 .مرحــلة العصور القديمة:
عرفت العصور القديمة وجود وحدات أو جماعات متعددة لها حضارات وثقافات متميزة تعيش حياة مشتركة لكنها لم تكن تشكل مجتمعا دولي بالمعنى الدقيق مع هذا لم يمنع ذلك من وجود بعض البوادر التي تؤسس لتنظيم العالقات بيت تلك الحضارات.
أ- زمن حضارة بالد مابين النهرين:
يرجع المؤرخون بداية المعاهدات الدولية إلى هذه الفترة التي أبرمت فيها إتفاقية سنة 3133 ق.م بين حاكم مدينة دولة(الجاش مع ممثلي مدينة )دولة( أوما، تلك الإتفاقية التي وضعت حدا للحروب والنزاعات الدائرة بين المدنيين وأكدت على وجوب إستخدام التحكيم في حل النزاعات فيما بينهم وضرورة نبد إستخدام القوة في عالقتهما.
ب- زمن الحضارة الفرعونية:
يؤكد القرأن الكريم في سورة يوسف على وجود الدولة كشكل من أشكال التنظيم الداخلي في مسائل تسيير الخزانة العامة والسهر على حماية مصالح المواطنين وعاقبة المخالفين ووجود السجن كعقوبة، كما يتبين من خالل السورة أيضا وجود تبادل تجاري بين الدول الفرعونية ورعايا الدول األجنبية يحكمه نظام المقايضة واليمكن الكالم عن هذا التبادل في إتفاق يربط الدولتين ببعضها وإعتراف كل منها للرعايا بممارسة التجارة على إقليمها.
ج- فترة الحضارة اليونانية:
كانت اليونان في القرن الخامس ميالدي تتشكل من عدة مدن تقابل ما نصطلح عليه اليوم تسمية الدولة وتربط تلك المدن عالقات ودية وثيقة نتاج كونها تحت مظلة واحدة وهي الحضارة اليونانية ولكن لم يمنع ذلك من وقوع خالفات ونزاعات وحروب بينها في ظل سيطرة القوي على الضعيف، ورغم ذلك كله فقد كان لهذه العالقات قواعد وأصول تحكمها مثل قواعد التمثيل الدبلوماسي، وإحترام الرسل والمبعوثين وقواعد تنظيم الحروب.
د- زمن الحضارة الرومانية:
لعل ما يميز الحضارة الرومانية عن الحضارة اليونانية هو الطابع المنفتح على الخارج لا سيما البحر المتوسط وعدم إنحصار شكلها العام في الصفة الدينية التي عرفها اليونان قديما، وذلك الإنفتاح كانت له تبعاته على شكل العلاقات بين مكونات المجتمع الدولي حيث سادت عالقات التعاون بين المدن الرومانية فيما بينهم كما ظهرت العديد من العالقات التي حددت مركز اإلمبراطورية الرومانية من الكيانات السياسية التي كانت موجودة أنذاك.
2 .مــرحلة العصور الوسـطى:كانت هذه الفترة العصر الذهبي للمسلمين الذين توسعت دولتهم وبسطت خالفتهم سيطرتها على المشرق والمغرب.
أ- أهم مبادئ اإلسالم المؤثرة في المجتمع الدولي:
1 عالمية الشريعة اإلسالمية.
2 الإسالم رسالة سالم.
3 إحترام العهود والمواثيق.
4 الإسالم والحفاظ على إنسانية البشر.
5 الإسالم والمساواة.
6 الإسالم وحرية المعتقد.
7 الإسالم وحقوق اإلنسان زمن الحرب.
ب- تقسيم العالم من منظور الفقهاء المسلمين
1 دار الإسالم: وهي الأراضي التي تكون فيها الكلمة العليا للمسلمين وتطبق فيها الشريعة اإلسالمية بلا منازع في جميع القضايا التي تتعلق بالنظام العام وهذا لايمنع من تطبيق شريعة أخرى غير الشريعة الإسالمية في القضايا التي لها مساس بالأحوال الشخصية لغير المسلمين مثل أهل الذمة والمستأمنون، أما أهل الذمة فهم جزء من المجتمع الإسالمي يتمتعون فيه بكل الحقوق التي يتمتع بها المسلمون، أما المستأمنون وهم الذين يدخلون البالد اإلسالمية طلبا لألمان على غير نية الإقامة المستمرة فيها.
2 دار العهد: قرر بعض الفقهاء مستمدين من الكتاب والسنة أن بين دار الحرب ودار اإلسالم دار وسطا تسمى دار العهد وهي حقيقة إقتضاها الواقع، فقد كان هناك قبائل ودول ال تخضع خضوعا تاما للمسلمين وليس للمسلمين فيها حكم ولكن لها عهد محترم وسيادة أرضها.
3 دار الحرب: عرف جمهور الفقهاء دار الحرب بأنها الدار التي اليكون فيها السلطان للحاكم المسلم والتطبق فيها أحكام اإلسالم وليس بين المسلمين وأهلها عهد.
ج- أوروبا في العصر الوسيط
1 التجزئة والفوضى السياسية: لقد أدى سقوط اإلمبراطورية الرومانية على يد القبائل الجرمانية إلى تقسيم أوروبا إلى عدة ممالك وإمارات إتسمت العالقات فيما بينها بالحرب واإلعتداءات المستمرة التي دامت
إلى غاية القرن 11.
الاقطاع: ظهر نظام الإقطاع في أوروبا في القرن التاسع وإستمر حتى حوالي نهاية العصر الوسيط واإلقطاع هو نظام يقوم من الناحية السياسية على إنفراد أمير أو حاكم بكل مظاهر السلطة داخل إقليم معين بحيث يعتبر تلك السلطة بمثابة ملك شخصي له، ويعتبر ذلك اإلقليم بمثابة ملكية إقطاعية خاصة به، كما يستند هذا النظام من ناحية الإقتصاد الزراعي ونظام رقيق األرض.
1 دور الديانة المسيحية: لقد ساعد إنتشار المسيحية في أوروبا في تلطيف العالقات بين الممالك الأوروبية وعلى تشكيل جماعة مسيحية أوروبية تحت الزعامة الروحية للبابا الكاثوليكي وقد كان منفرد البابا قويا على جميع النواحي، ولقد حاولت المجامع الكنيسية منع الحروب نهائيا بين أمراء الدول المسيحية ولما لم تتوصل إلى ذلك إكتفت بإقرار الإتفاقيات التالية: سلم الرب، هدن الرب، التحكيم، الوساطة.
3 .الــمجتمع الدولي في العصر الحديث المجتمع الدولي الأوروبي 1442-1414.
النهضة العلمية: لقد ظهرت في هذه الفترة أهم قواعد القانون الدولي على يد مجموعة من الفقهاء الكالسكيين الذي يمكن أن نطلق عليهم رواد القانون الدولي وهم: ميكيافيلي، فيتوريا، سواريز، جروسيوس.
الإكتشافات الجغرافية الكبرى: لقد أدى إكتشاف أمريكا سنة 1442 من طرف “كريستوف كلومبس” إلى فتح مجال جديد في القانون الدولي التقليدي وهو التسابق بين الدول الأوروبية للحصول على المستعمرات وكانت الدولتان المتنافستان في هذه المرحلة هي إسبانيا والبرتغال وقد عقدت عدة معاهدات بينهما بقصد تقاسم المناطق التي لم يتم إكتشافها بعد الإعتراف بتبعية المناطق التي تم إكتشافها.
معاهدة وستفاليا عام 1441 :هذه المعاهدة وضعت حدا للحرب التي كانت دائرة بين الدول الكاثوليكية والدول البروستستانتية )1411- 1441 )والتي دامت 33 سنة ولقد شكلت هذه المعاهدة أهمية خاصة في مجال العالقات الدولية إلى حد جعل أغلب فقهاء القانون الدولي يعتبرونها بمثابة “صك ميالد” للقانون الدولي المعاصر.
الثورة األمريكية: لقد كانت المستعمرات الثالث عشر التي أصبحت فيما بعد الواليات المتحدة والواقعة بين كندا والمكسيك خاضعة لتاج بريطانيا ونظرا للنزاعات اإلستقاللية قامت ثورة مضادة للتاج البريطاني إنتهت في األخير بقيام الواليات المتحدة األمريكية.
الثورة الفرنسية: لقد قامت الثورة الفرنسية سنة 1814 وكان الهدف منها هو القضاء على إستبداد الملوك وطغيانهم منادية بحقوق اإلنسان والدفاع عن حريات الشعوب والمناداة بحق تقرير المصير وقد نفذت الثورة الفرنسية في بداية عهدها هذه المبادئ ودعت الشعوب إلى تقرير مصيرها بنفسها بل أكثر من ذلك أعلنت عن تقديم العون والمساعدة للشعوب التي ترغب في ستعادة حريتها وحث القائمين على الثورة وإستعدادها للتدخل العسكري المباشر لمساعدة
الشعوب.
مبدأ القوميات: لعبت القومية دورا هاما في العالقات بين الدول خاصة في القرن 14 ومطلع القرن 23 ،ومبدأ القومية يعطي لكل أمة الحق بأن يكون لها دولتها الوطنية المستقلة الخاصة بها، أي أن يكون لكل أمة الحق في تقرير مصيرها وأن تكون دولة وهكذا نجد أن إرتباط مبدأ تقرير المصير في هذه الفترة بمبدأ القوميات هو الذي دفع إلى تسميته بمبدأ تقرير المصير القومي.
التحالف الأوروبي: نجم التحالف الأوروبي عن مؤتمر فينا سنة 1115 وإستهدف نتائج الحرب النابولونية وضمان اإلستقرار السياسي في أوروبا وكانت نتائجه إعادة تنظيم التوازن األوروبي، مبدأ التدخل للقضاء على الحريات الثورية التي يمكن أن تحصل في أحد البالد األوروبية.
4 .الـمجتمع الدولي المعاصر )1414 إلى يومنا الحالي(تميزت هذه الفتر بميزات جعلتها تتميز عن غيرها من المراحل السابقة بما في ذلك الطابع العالمي للعالقات الدولية الناتج عن زيادة في الكم والنوع ألشخاص المجتمع الدولي، فقد إزداد تعداد الدول جراء حركات التحرر التي إعتمدت على مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي ثم الإقصادي وكذلك الحربين العالميتين اللتين لم يسبق حدوثهما في أي فترة أخرى من قبل.
الطابع العالمي للمجتمع الدولي: لم يبقى المجتمع الدولي في هذه الفترة كسابق عهده مجتمعا أوروبيا محدودا بالدول المسيحية فقط بل تحول إلى مجتمع ذو طبيعة عالمية ليجمع دوال عديدة من مختلف الثقافات والحضارات التي تولدت بشكل رئيسي نتيجة حركات التحرير الوطنية ومبدأ حق الشعوب في تقرير المصير الأمر الذي دفع تلك الدول إلى التأكيد على ضرورة تنظيم هذا العالم بقواعد ومبادئ تحول دون اإلعتداء عليها.
الطابع التنظيمي للمجتمع الدولي المعاصر: إن سمة التنظيم التي تطبع المجتمع الدولي المعاصر اليوم ماهي إال إنعكاس لرغبة الدول جميعا في اإلحتكام إلى القانون في تنظيم عالقتها وضمان حقوقها وإلزام الأخرين بواجباتهم تجاهها، ولذلك أبرمت العديد من اإلتفاقيات الدولية وعقدت الكثير من المؤتمرات الدولية التي تستهدف تنظيم مختلف
مجاالت الحياة الدولية السياسية واإلقتصادية والإجتماعية.
طابع تغير الأقطاب: شهدت هذه الفترة تغييرا مستمرا في تركيبة المجتمع الدولي حيث بدأ الأمر بفكرة الثنائية القطبية التي تعكس لتوازن الذي وجد بين المعسكرين الشرقي والغربي، هذان القطبين قام بينهما صراع في أصله من طبيعة أيدلوجية، وإلى جانب هذين المعسكرين بدى في الأفق معسكر أخر في التشكل هو تحالف الدول النامية الذي ظهر بشكل واضح في مؤتمر باندونغ 1455 وإنشاء حركة عدم اإلنحياز، لكن بعد سقوط اإلتحاد السوفياتي إستغلت الو.م.أ الأمر بعد أن لم يعد لها منازع في السيطرة على العالم فباشرت هيمنتها على منظمة الأمم المتحدة التي أصبحت تعمل كمسوغ للتصرفات األمريكية، لكن الأمر لم يستر طويلا حيث بدأ العالم يسير من جديد نحو شكل جديد من تعدد الأقطاب.
طابع التطور العلمي والتكنولوجي: تميز العصر الحالي بطابع التطور العلمي والتكنولوجي بما له من إيجابيات وما عليه من سلبيات فكما كان هذا العصر عصر الإكتشافات العلمية المبهرة التي ساهمت في إكتشاف عدد من الأدوية التي كانت سببا في القضاء على عدد من األمراض وتيسير سبل التواصل والتنقل عبر قارات العالم ودوله لكنها من جهة أخرى كانت وباال على البشرية جمعاء نتاج التطور الرهيب وإبتكار األسلحة الفتاكة وغيرها من الجوانب السلبية.
طابع تنوع مواضيع العالقات الدولية: شهدت موضوعات العالقات الدولية توسعا وتنوعا هائلين فقد باتت تشمل جميع مجاالت الحياة،فلم تعد تقتصر على العالقات التجارية أو تنظيم العالقات السياسية بين الدول بل صارت تشمل جوانب كثيرة من حياة اإلنسان، وبرزت قواعد ومبادئ جديدة مثل: حق الشعوب في تقرير مصيرها، مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، تطوير القانون الدولي اإلنساني، تنظيم نقل التكنولوجيا كحق إنساني.