أصل نشأة الــدولــة
أولا: النظريات التيوقراطية أو نظريات المصدر الإلهـي للسلطة
مضمـون هذه النظريات أن الدولة نظام إلهـي وأن السلطة فيها مصدرها الالهة، ومراحل تطور
هذه النظريات كانت كالتالي:
1 .نظرية الطبيعة الإلهية للحاكم: هذه النظرية تقوم على أساس أن الحاكم يكون من طبيعة إلهية، فهو ليس مختارا من قبل الالهة بل هو الإله نفسه وقد سادت هذه النظرية في الحضارات القديمة.
2 .نظرية الحق اإللهي المباشر أو التفويض الإلهي: وفقا لهذه النظرية يعد الحاكم إنسانا يختاره هللا ويودعه السلطة فهو يستمد سلطته من العناية الإلهية.
3 .نظرية الحق الإلهي غير المباشر: السلطة وإن كان مصدرها الله فإن إختيار الشخص
الذي يمارسها يكون للشعب، وإنما الله يرشد الأفراد إلختيار حاكم معين.
4 النقد الموجه للنظريات التيوقراطية: عدم الإقرار بمسؤولية الحاكم أمام المحكومين مادام هؤلاء الحكام يستمدون سلطتهم من الإله وبالتالي فإنها تبرر أنظمة الحكم الإستبدادية.
ثـانيا: نـظرية العقد الإجتماعي أو النظريات الديمقراطية
تقوم هذه النظرية على أن أساس أن سلطة الدولة مصدرها الشعب أو الجماعة وبذلك التكون السلطة الحاكمة مشروعة إلا إذا كانت وليدة الإرادة الحـرة للجماعة التي تحكمها، وهذا مايعرف بالعقد اإلجتماعي الذي مفاده أن نشأة الدولة تمت بنوع من التعاقد بين أفراد المجتمع الذين كانوا يعيشون حياة فطرية على إيجاد سلطة تنقلهم إلى الحياة المدنية، وقد تبلورت نظرية العقد الإجتماعي على يد ثالثة فالسفة هم: هـوبز، لوك، روسو.
1 .نظرية هـوبز: إنطلق هوبز من تحليل الطبيعة البشرية مفترضا بأنها تتسم بالأنانية مما أدى إلى وجود صراعات بين الأفراد والجماعات وللخروج من هذه الصراعات تم ابإتفاق بين الناس على تركيز السلطة في يد شخص أو هيئة يكون لها الأمر دون مناقشة لأن الحاكم ليس طرفا في العقد ومقابل تنازل الأفراد على كل حقوقهم للحاكم فإن هذا
الأخير يلتزم بضمان الأمن السالم والعدل بين الناس.
ب/ نقد هذه النظرية: تبرز هذه النظرية الحكم اإلستبدادي أو المطلق.
2 .نظرية لوك:راى لوك أن حالة الفطرة التي إفترضها هوبز تتسم بنزعة السالم والمساواة والإستقلال والحرية والتعاون، لكن شعور الافراد على تنظيم حياة الفطرة التي يعيشونها وإلى ضرورة وضع القوانين الطبيعية موضع التنفيذ جعلهم يتنازلون بمحض إرادتهم عن جزء من حقوقهم الطبيعية ويتعاقدون مع الحاكم لكي يقوم بتحقيق الصالح العام وحماية حقوقهم الطبيعية وفي حالة عدم قيام الحاكم بواجبه حق ألفراد الشعب فسخ هذا العقد.
ب/ نقد هذه النظرية: تبرر هذه النظرية فكرة السلطة المقيدة.
3 .نظرية روسو: يرى بأن فطرة اإلنسان تتسم بالحرية والمساواة والسعادة على خالف رأي لوك يرى روسو أن حياة الفطرة أفضل من الحياة المدنية التي يفقد فيها البعض من حريته، لكن عندما تعقدت حياة اإلنسان بظهور الملكية والتناقضات والصراعات نشأت الحاجة إلى وجود حكومة توفر األمن واإلستقرار وبشأن أطراف العقد فحسب روسو
يرى بأنه يتم بين األفراد أنفسهم بصفتين، األولى باعتبارهم أفراد مستقلين ومنعزلين، والثانية بصفتهم أعضاء متحدين يشكل مجموعهم الشخص الجماعي المستقل.
ب/ نقد هذه النظرية: بالرغم من إيجابياتها الكثيرة إلا أن البعض يعتبرها أكبر أكذوبة سياسية ناجحة عرفها التاريخ.
3 النقد الموجه لنظرية العقد اإلجتماعي:
1 فـكرة العقد الإجتماعي فكرة خيالية من نسج تصورات الفلاسفة.
2 تفترض هذه النظرية أن الإنسان قبل نشأة الدولة كان يعبش حياة عزلة وهذا
غير صحيح لأن الإنسان مدني.
3 فكرة العقد الإجتماعي غبر متصورة عمليا لأنه لا يمكن الحصول على رضا
جميع األفراد.
4 لا تتوافق والأصول القانونية.
ثـالثا: نظرية التطور العائلي
يرجع البعض فكرة هذه النظرية للفيلسوف أرسطو الذي يرى أن الدولة ماهي إلا أسرة تطورت ونمت بشكل تدرجي فتولدت عنها ظهور الدولة.
1 نقد هذه النظرية: هذه النظرية تقوم أساسا على أن الأسرة هي النواة الأولى للجماعة البشرية بينما الحقيقة أن الأسرة وجدت بعض وجود الجماعة، كما أنه لايمكن مقارنة الأسرة بالدولة ألن هذه الأخيرة أهدافها أوسع.
رابـعـا: نظريـة القوة والغلبة
ترجع هذه النظرية أساس السلطة السياسية لنشأة الدولة إلى القوة والفهم وهي تنطلق من فكرة غريزة الإنسان في السعي للقوة والرغبة في تأكيد الذات وما يترتب عنها من صراعات وحروب ومما يؤكد ذلك الحروب التي تنشب بين العشائر والقبائل في المجتمعات البدائية والتي من خلالها إستطاع شيوخ القبائل تأسيس سلطتهم وفرض على القبائل المغلوبة وقد كانت تلك بداية نشأة الدولة الحديثة.
1 نقد هذه النظرية: تركز هذه النظرية على جانب القوة من الطبيعة البشرية لكنها تهمل الجانب الأخر المتمثل في التعاون ورغبة الإنسان في الإستقرار، كما أن الدولة لايمكن أن تعرف الإستقرار بالقوة فقط.
خـــامسا: التفسير الطبقي لنشأة الدولة
تقر النظرية الماركسية نشأة الدولة على أساس أن التناقض والتمايز الطبقي الناشئ في المجتمع هو الذي أدى إلى وجود الدولة، وتقدم النظرية الماركسية تنبؤات على مسار تبلور الدولة بعد المجتمع الرأسمالي فالدولة سوف تفنى عندما ينتهي الصراع الطبقي.
1 نقد هذه النظرية: إذا كان التفسير الطبقي يعتبر عاملا هاما في تحديد بناء الدولة إلا أنه لا يجب إغفال عوامل ثقافية، إجتماعية، قومية، دينية، فكلها تؤثر في بناء الدولة.
ســادسا: نـظرية التطور التاريخي
تـرى هذه النظرية بأن الدولة هي كباقي الظواهر الإجتماعية لايمكن تفسيرها إعتمادا على عامل واحد، بل تدخل في تركيبها وتأسيسها عـدة عوامل ومكونات كالقرابة، الـدين، الأنشطة اإلقتصادية، القوة، الـوعي السياسي، وهذه النظرية لاقت قبولا وتأييدا كبيرا من الأغلبية.